إحدى خواطري أبثها إليكم عبر أثير القلب
وسط كل الفراغ الكوني الذي تتضاءل أمامه الكرة الأرضية بضخامتها لتصير أقل من نقطة في بحر ....
وسط كل هذا الفراغ الهائل ....
تصنع أنت حول نفسك فراغاً كونيا جديداً ....
فراغك الكوني الذي لا ترى غيره .....
وتعتبره هائلا ... رغم أنه لا يساوي شيئاً ......
وتضع في هذا الفراغ مجراتك الخاصة ......
أشخاص بعينهم تدور في فلكهم ويدورون في فلكك ....
لكنهم أبداً لا يملئون فراغك الكوني كله .......
ويتضخم أحد هذه المجرات ....
يتضخم حتى يملأ فراغك الكوني كله .....
يتضخم حتى يطغى على مجراتك كلها ......
وتنتابك السعادة والنشوة .....
لأن فراغك الكوني قد امتلأ ....
ولا تشعر بذرة من الأسى تجاه تلك المجرات التي اندثرت ...
وتلهيك السعادة عن الانتباه ....
الانتباه أنه ما زال أخذاً في التضخم ....
ويستمر التضخم ....
حتى تبتلعك تلك المجرة
وتفقدك ذاتك .....
وقتها .... ووقتها فقط ...
تنتبه لأنك ما كان يجب أن تتركها تبتلعك ...
تنتبه لأنك ما كان يجب أن تساعدها على التضخم ....
وتصحو من سباتك ....
لتجد ذاتك قد تبعثرت في الكون ....
وتحاول أن تجمع شتات نفسك ...
وقتها ... لا تجد بجوارك سوى تلك المجرات ....
تلك المجرات التي اندثرت بفضل حماقتك ....
أجل بفضل حماقتك ....
وبعد أن تلملم ذاتك المكسورة ....
تتقوقع بداخل نفسك لتحاسبها ...
وتتساءل ....
ترى ما الخطأ الذي ارتكبته ؟
فتجد أنك كنت تبغي ملأ فراغ قلبك ....
فامتلأ ....
امتلأ حتى لم يعد هناك أنت ولا هم ...
بل أصبح هناك هو ...
هو ....
وفقط هو ...
وبعد أن تحطمت ذاتك ....
وتفرقت مجراتك ...
ولم يعد هناك فراغ ولا غير فراغ
لم يعد هناك شيء تملأه ...
تجده يلومك ...!!!!!
يلومك لأنك حرمته من فراغك الذي كان يملأه ....
وتجد نفسك رغماً عنك تعتذر .....
وتحاول أن تصنع فراغاً جديداً حولك ........
لكنك تتعلم الدرس هذه المرة ...
ولا تضعه مع مجراتك الأخرى ....
فقط لكيلا يلومك على اختفاء الفراغ من حولك.
أليس هذا ما نفعله في حياتنا ...
فالمجرات التي اندثرت هم الأشخاص الذين كانوا يستحقون منا اهتماما أكبر ...
ولكننا بحماقتنا تجاهلناهم ...
تجاهلناهم ظانين أننا نملأ قلوبنا بمن يستحق ....
تجاهلناهم وأعطينا شخصاً واحداً ....
شخصاً واحداً فقط ....
فضلناه وأعطيناه أكثر مما يستحق
فإذا به يطعنا مرات عديدة بسكين باردة
معتقداً أنه مهما فعل سيظل صاحب المكانة الأولى في قلوبنا ....
ناسياً ...... أو جاهلاً .....
بأن تحطم الذات ... والقلوب ....
يصحبه تحطم طريق العودة
ووقتها يدرك وندرك .....
أن الأوان قد فات .....
لإصلاح ما كسر...
ووقتها لا نجد إلا الأشخاص الذين تجاهلنا حبهم في غمار غفلتنا
وندرك أنهم هم من يستحقون حقاً ....
فابحث عن مجراتك الصغيرة
لا تتركها تندثر
اهتم بمن حولك
وقدر المشاعر الصادقة
ولكن لا تدع أحداً يفقدك ذاتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق